ولد الهدى
- التفاصيل
- التصنيف: مكتبة قصائد المديح النبوي
- تم إنشاءه بتاريخ 21 تشرين1/أكتوير 2013
- كتب بواسطة: أحمد شوقي
- زيارات: 3191
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم البديع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة في اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه ألف هنالك واسم طه الباء
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي إلا الحنائف فيه والحنفاء
خير الأبوة حازهم لك آدم دون الأنام وأحرزت حواء
هم أدركوا عز النبوة وانتهت فيها إليك العزة القعساء
خلقت لبيتك وهو مخلوق لها إن العظائم كفؤها العظماء
بك بشر الله السماء فزينت وتضوعت مسكا بك الغبراء
وبدا محياك الذي قسماته حق وغرته هدى وحياء
وعليه من نور النبوة رونق ومن الخليل وهديه سيماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه وتهللت واهتزت العذراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضاء
الحق عالي الركن فيه مظفر في الملك لا يعلو عليه لواء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت وعلت على تيجانهم أصداء
والنار خاوية الجوانب حولهم خمدت ذوائبها وغاض الماء
والآي تترى والخوارق جمة جبريل رواح بها غداء
نعم اليتيم بدت مخايل فضله واليتم رزق بعضه وذكاء
في المهد يستسقى الحيا برجائه وبقصده تستدفع البأساء
بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم يعرفه أهل الصدق والأمناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا منها وما يتعشق الكبراء
لو لم تقم دينا لقامت وحدها دينا تضيء بنوره الآناء
زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء
أما الجمال فأنت شمس سمائه وملاحة الصديق منك أياء
والحسن من كرم الوجوه وخيره ما أوتي القواد والزعماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة في الحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضا الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو الندي وللقلوب بكاء
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنما جاء الخصوم من السماء قضاء
وإذا حميت الماء لم يورد ولو أن القياصر والملوك ظماء
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم يدخل عليه المستجير عداء
وإذا ملكت النفس قمت ببرها ولو ان ما ملكت يداك الشاء
وإذا بنيت فخير زوج عشرة وإذا ابتنيت فدونك الآباء
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما في بردك الأصحاب والخلطاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاء
وإذا مشيت إلى العدا فغضنفر وإذا جريت فإنك النكباء
وتمد حلمك للسفيه مداريا حتى يضيق بعرضك السفهاء
في كل نفس من سطاك مهابة ولكل نفس في نداك رجاء
والرأي لم ينض المهند دونه كالسيف لم تضرب به الآراء
يأيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت بك العلماء
الذكر آية ربك الكبرى التي فيها لباغي المعجزات غناء
صدر البيان له إذا التقت اللغى وتقدم البلغاء والفصحاء
نسخت به التوراة وهي وضيئة وتخلف الإنجيل وهو ذكاء
لما تمشى في الحجاز حكيمه فضت عكاظ به وقام حراء
أزرى بمنطق أهله وبيانهم وحي يقصر دونه البلغاء
حسدوا فقالوا شاعر أو ساحر ومن الحسود يكون الاستهزاء
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمة وكأنه من أنسه بيداء
يوحى إليك الفوز في ظلماته متتابعا تجلى به الظلماء
دين يشيد آية في آية لبناته السورات والأدواء
الحق فيه هو الأساس وكيف لا والله جل جلاله البناء
أما حديثك في العقول فمشرع والعلم والحكم الغوالي الماء
هو صبغة الفرقان نفحة قدسه والسين من سوراته والراء
جرت الفصاحة من ينابيع النهى من دوحه وتفجر الإنشاء
في بحره للسابحين به على أدب الحياة وعلمها إرساء
أتت الدهور على سلافته ولم تفن السلاف ولا سلا الندماء
بك يا ابن عبد الله قامت سمحة بالحق من ملل الهدى غراء
بنيت على التوحيد وهي حقيقة نادى بها سقراط والقدماء
وجد الزعاف من السموم لأجلها كالشهد ثم تتابع الشهداء
ومشى على وجه الزمان بنورها كهان وادي النيل والعرفاء
إيزيس ذات الملك حين توحدت أخذت قوام أمورها الأشياء
لما دعوت الناس لبى عاقل وأصم منك الجاهلين نداء
أبوا الخروج إليك من أوهامهم والناس في أوهامهم سجناء
ومن العقول جداول وجلامد ومن النفوس حرائر وإماء
داء الجماعة من أرسطاليس لم يوصف له حتى أتيت دواء
فرسمت بعدك للعباد حكومة لا سوقة فيها ولا أمراء
الله فوق الخلق فيها وحده والناس تحت لوائها أكفاء
والدين يسر والخلافة بيعة والأمر شورى والحقوق قضاء
الإشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القوم والغلواء
داويت متئدا وداووا ظفرة وأخف من بعض الدواء الداء
الحرب في حق لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء
والبر عندك ذمة وفريضة لا منة ممنونة وجباء
جاءت فوحدت الزكاة سبيله حتى التقى الكرماء والبخلاء
أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى فالكل في حق الحياة سواء
فلو ان إنسانا تخير ملة ما اختار إلا دينك الفقراء
يأيها المسرى به شرفا إلى ما لا تنال الشمس والجوزاء
يتساءلون وأنت أطهر هيكل بالروح أم بالهيكل الإسراء
بهما سموت مطهرين كلاهما نور وريحانية وبهاء
فضل عليك لذي الجلال ومنة والله يفعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما طويت سماء قلدتك سماء
في كل منطقة حواشي نورها نون وأنت النقطة الزهراء
أنت الجمال بها وأنت المجتلى والكف والمرآة والحسناء
الله هيأ من حظيرة قدسه نزلا لذاتك لم يجزه علاء
العرش تحتك سدة وقوائما ومناكب الروح الأمين وطاء
والرسل دون العرش لم يؤذن لهم حاشا لغيرك موعد ولقاء
الخيل تأبى غير أحمد حاميا وبها إذا ذكر اسمه خيلاء
شيخ الفوارس يعلمون مكانه إن هيجت آسادها الهيجاء
وإذا تصدى للظبا فمهند أو للرماح فصعدة سمراء
وإذا رمى عن قوسه فيمينه قدر وما ترمى اليمين قضاء
من كل داعي الحق همة سيفه فلسيفه في الراسيات مضاء
ساقي الجريح ومطعم الأسرى ومن أمنت سنابك خيله الأشلاء
إن الشجاعة في الرجال غلاظة ما لم تزنها رأفة وسخاء
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا فالمجد مما يدعون براء
والحرب يبعثها القوي تجبرا وينوء تحت بلائها الضعفاء
كم من غزاة للرسول كريمة فيها رضى للحق أو إعلاء
كانت لجند الله فيها شدة في إثرها للعالمين رخاء
ضربوا الضلالة ضربة ذهبت بها فعلى الجهالة والضلال عفاء
دعموا على الحرب السلام وطالما حقنت دماء في الزمان دماء
الحق عرض الله كل أبية بين النفوس حمى له ووقار
هل كان حول محمد من قومه إلا صبي واحد ونساء
فدعا فلبى في القبائل عصبة مستضعفون قلائل أنضاء
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى ما لا ترد الصخرة الصماء
والحق والإيمان إن صبا على برد ففيه كتيبة خرساء
نسفوا بناء الشرك فهو خرائب واستأصلوا الأصنام فهي هباء
يمشون تغضي الأرض منهم هيبة وبهم حيال نعيمها إغضاء
حتى إذا فتحت لهم أطرافها لم يطغهم ترف ولا نعماء
يا من له عز الشفاعة وحده وهو المنزه ما له شفعاء
عرش القيامة أنت تحت لوائه والحوض أنت حياله السقاء
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم والصالحات ذخائر وجزاء
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى وانشق من خلق عليك رداء
لي في مديحك يا رسول عرائس تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فإن قبلت تكرما فمهورهن شفاعة حسناء
أنت الذي نظم البرية دينه ماذا يقول وينظم الشعراء
المصلحون أصابع جمعت يدا هي أنت بل أنت اليد البيضاء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة في مثلها يلقى عليك رجاء
أدرى رسول الله أن نفوسهم ركبت هواها والقلوب هواء
متفككون فما تضم نفوسهم ثقة ولا جمع القلوب صفاء
رقدوا وغرهم نعيم باطل ونعيم قوم في القيود بلاء
ظلموا شريعتك التي نلنا بها ما لم ينل في رومة الفقهاء
مشت الحضارة في سناها واهتدى في الدين والدنيا بها السعداء
صلى عليك الله ما صحب الدجى حاد وحنت بالفلا وجناء
واستقبل الرضوان في غرفاتهم بجنان عدن آلك السمحاء
خير الوسائل من يقع منهم على سبب إليك فحسبي الزهراء