الحبيب المصطفى وأسبقية نوره صلى الله عليه وسلم
- التفاصيل
- التصنيف: نورانيته
- تم إنشاءه بتاريخ 10 تشرين1/أكتوير 2013
- كتب بواسطة: البشير مالك
- زيارات: 4287
إن معرفة حقيقة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عجز عنها سائر البرية0وقد قال صلى الله عليه وسلم : '' يا أبا بكر والذى بعثنى بالحق بشيراً ونذيراً لم يعلم حقيقتى غير ربى".
قال تعالى :}قل إنما أنا بشر مثلكم} (الكهف 110) روى الترمذي والدارمى وبن كثير في البداية والنهاية عن أبى ذرالغفارى رضى الله عنه قال: (قلت يارسول الله كيف علمت أنك نبىٌّ حتى استيقنت؟ قال : يا أبا ذر أتانى ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة فوقع أحدهما إلى الأرض وكان الآخر بين السماء والأرض ، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ فقال: نعم . قال : فزنه برجل. فرجحته. ثم قال: زنه بعشرة . فرجحتهم . ثم قال : زنه بمائة فرجحتهم. قال: زنه بالف .فرجحتهم. قال صلى الله عليه وسلم : كأنى أنظر إليهم يُنثَرونَ علىَّ من خفة الميزان. فقال أحدهما لصاحبه: لو وزنته بأمته كلها لرجحها.) هذه هي المثلية في أوضح معانيها.
فهو صلى الله عليه وسلم طلسمُ السر المكنون لا يطَّلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى .
قال تعالى: }وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} -الأحزاب 46. }يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّم كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } (المائدة 15(
وما أدرك المسلمون إلا ظاهر صورته المحمدية. وهى التى عبَّر عنها سيدى أويس القرنى بالظل . أما حقيقته وسرُّه صلى الله عليه وآله وسلم فهو أمر انفرد به الحق عز وجل ، أما كونه صلى الله عليه وسلم أول الخلق على الإطلاق فقد أشارت الآيات،والأحاديث إلى هذه الحقيقه ويحتج المعترضون على كون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أول الخلق فى عالم النور والأرواح ، ويستدلون فى اعتراضهم بالآيات القرآنية والأحاديث والشريعة التى جاءت فى وصف حضرته بالبشرية ولوازمها، ويقولون إنه بشر مثلنا فكيف يكون نوراً، وغاب عنهم أن البشرية أتم مراتب الكمال الإنسانى ، فهى التى قبلت النور ونفخ الروح فيها، وقالوا ما الفخر الا بالجسوم فإنها مولِّدة الأرواح ناهيك من فخر من وقفوا مع بشريته صلى الله عليه وآله وسلم وغفلوا تماما عن عالم الأرواح فى قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم}. فلا بد أن يكون لعالم الأرواح أصل وحقيقة، كما لابد أن يكون لعالم الأجساد أصل إذا قلنا أصل الأجساد سيدنا آدم فليس فى ذلك خلاف فلا بد أن يكون عالم الأرواح أصلا وهو عالم النور ويسميه الصالحون بالأعيان الثابتة، والذين يقفون مع بشرية النبى فهم بهذا المفهوم يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثلنا ونحن مثله وهذا يؤدى إلى الخلط والعياذ بالله ، وعليه يبرز أمامنا سؤال هل يوجد فى الصنف البشرى اثنين خلقهم الله متحدين فى أى شئ ؟ فى الشكل ؟ فى الصوت فى الإدراك فى الإحساس فى الذوق فى التذوق ؟ فى الطبع وهذا لم يتوافر فكيف حكمت بالمثلية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ألم يقرأوا قول الحق سبحانه وتعالى {انظر كيف فضَّلنا بعضهم على بعض} فلابد من التفضيل ولابدَّ من التمييز .
وإذا كان لابد من القياس فيجب أن نقيس بما قاس به الحق سبحانه وتعالى ، فاذا قلنا أعلى درجة فى التفضيل بين الأجناس نقول الصنف البشرى ثم من الجنس البشري نقول الأولياء والصالحون وأعلى درجة فى التفضيل بين الأولياء نقول الأنبياء والمرسلون وأعلى درجة فى التفضيل بين الأنبياء والمرسلين نقول أولو العزم من الرسل ، وأعلى درجة في التفضيل بين أولي العزم من الرسل نقول هو النبى صلى الله عليه وسلم فهذا هو القياس الصحيح هذا هو الأمر الواضح الذى لا يزيغ عنه إلا كل هالك .
فقد أجمع العلماء على أن النبى صلى الله عليه وسلم له الأفضلية والمزية على كل صورة ظهرت فى عالم الأحياء وفى عالم الأرواح وعالم النور ويقول بعض المعترضين: كيف قلتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الخلق رغم ان الاحاديث الصحيحة فى البخارى ومسلم وفى الجامع الكبير ومسند الامام احمد ورد بانه صلى الله عليه واله وسلم لما سئل عن اول ما خلق الله . قال: الماء وسئل ومرةً اخرى عن اول ما خلق الله فقال : القلم الاعلى وسئل مرة اخرى فقال : اول ما خلق الله العقل الاول .
نقول نعم كل ماذكر صحيح وورد ايضاً كما روى الامام احمد عن النبى صلى الله عليه واله وسلم كنت نوراً بين يدى ربى قبل خلق ادم باربعة عشر الف عام وكذلك رواه الامام الترمذى وغيره عن أبى هريرة رضى الله عنه قال . قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد . وكذلك ما جاء فى مسند الإمام احمد عن ابى هريرة رضى الله عنه . قال النبى صلى الله عليه واله وسلم : إنَّ رب العزة خاطبه فقال: لولاك لولاك ما خلقت الافلاك . والامام البيهقى وابن عساكر عن سيدنا عثمان بن ابى العاص رضى الله عنه قال:'' حدثنى امي أنها شهدت ولادة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت: فما شئ انظر اليه فى البيت إلا نوراً اضاء البيت والدار حتى جعلنا لانرى الا نوراً .
والاحاديث الوارده فى أنه نور وانه اول الخلق كثيره ؛ قال الامام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه :'' ان كل اولويه ذكرت للقلم او للعقل او للماء إنما هى بالنسبة للعالم التى هى اساس له".
ولتوضيح هذا الامر نقول مثلاً: اصل الوجود او اول الايجاد لعالم الدنيا هو سيدنا ادم . فأوَّلية سيدنا ادم مقيدة بعالم الدنيا من حيث الصورة البشرية فهو اول ، ولكن عالم العناصرالتي هي التراب والماء والهواء والنار. له اولية قبل ظهور سيدنا ادم . لان التراب اصل الإيجاد قبل ظهور الجسد {انى خالق بشراً من طين} فالطين له اولية ايضاً . ولكن الدنيا الارضين والسماء اين حقيقتها ومن اين شيء كانت. اسمع الى قوله تعالى : { او لم ير الذين كفروا أن السماء والارض كانتا رثقاً ففتقناهما } فالسماء والارض كانت شيئاً واحداً فلها اولية بهذا الاعتبار وباختصار شديد فالقلم الأعلى اول عالم التدوين قد حصر ما يجرى فى الوجود وكذلك العقل الاول هو اول بالنسبة لعالم المعانى والادراكات وكذلك الماء أول بالنسبه للحياه التى هى قوام كل صوره وهو هنا بمعنى الروح.
فعندما يقول النبىُّ صلى الله عليه وآله وسلم . اول ما خلق الله القلم ، أول ما خلق الله العقل ، اول ما خلق الله العرش، فكل شئ اول لعالمه ، ولكن اولوية كل هذه العوالم مطلقة وأصلها هو النبى صلى الله وعلى اله وسلم فهى الاولية جامعة لكل اولية مذكورة فى الاحاديث التى سبق ذكرها . ونختم بحديث مسند عبد الرزاق عن سيدتا جابر بن عبد الله رضي الله عنه (ما هو أول شئ خلقه الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم نور نبيك ياجابر) وهو الحديث الذي بدأ به صاحب السيرة الحلبية سيرته.